وسواسُ حليكِ أم هم الرقباءُ | للقلب نحوَ حديثهم إصغاءُ |
ووميضُ ثغرِك أم تألُّق بارقٍ | وشهابُ شنفِك ذا أم الجوزاءُ |
يا بانة ً ورقُ الشبابِ ظلالُها | وكأنَّ قلبي بينها ورقاءُ |
يا بدْرَتم يهتدي بضيائه | ساري الفلاة ِ وليلتي ليلاءُ |
أشكوكِ أم أشكو إليك صبابَتي | أنتِ الدواءُ ومنك كان الداءُ |
مالجَّ داءٌ أو تفاقمَ مُعضلٌ | إلا وفي يُمنى يديهِ شفاءُ |
إن رامَ بالتدبيرِ حيلة َ بُرئها | أبدتْ منافعَها له الأعضاءُ |
حتى إذا سئمَتْ نفوسهمُ الردى | واعتاصَ مُصطبرٌ وعزَّ عزاءُ |
وافوا وقد جعلوا الدُّروعَ ضراعة ً | إذ لم يكنْ غيرَ الخضوع وِقاءُ |
وتبوَّءوا دارَ الخلافة ِ ملجأً | فلهم بعَقوة ِ بابها استِجداءُ |
فعيونهم صورٌ ووقعُ حديثهم | همسٌ ورجْعُ كلامِهم إيماءُ |
رهباً فعافٍ شاقَهُ بذلُ النَّدا | راج وطاغ ساقه استعفاءُ |
علموا مواقعَ ذنبهم من عفوهِ | فاستشعروا الإحسانَ حين أساءوا |
لا يَحسبنَّ الرومُ سِلمكَ رهبة ً | فالزَّند للنيرانِ فيه ثواءُ |
لم تُغمدِ الأسيافُ من وهنٍ بها | لكن نفوسٌ أجِّلت ودماءُ |
نامت على شِبَع وقد سالمتهمُ | وعلاجُ فرْطِ الغِبطة ِ الإغفاءُ |
يا نيِّراً لولا توقدُ نورِهِ | هفتِ الحلومُ وفالطتِ الأراءُ |
لو أن بأسكَ والجموعُ زواحفٌ | في مجمع البحرينِ غيضَ الماءُ |
لله سيفُك والقلوبُ بوالغٌ | ثُغرَ الحناجرِ والنفوسُ ظماءُ |
تتزاحمُ الأرواحُ دون ورودِهِ | فكأنما هو نُطفة ٌ زرقاءُ |
لله قومُك آل نصرٍ والقنا | قِصَرٌ وأجسامُ العِدا أشلاءُ |
الطاعنونَ الخيل يوم المُلتقى | والمُطعمون إذا عَدَتْ شهباءُ |
سيماهمُ التقوى أشداءُ على الكفارِ | فيما بينهم رُحماءُ |
نصروا الجزيرة َ أولاً ونصيرها | ضاقَت عليهِ برُحبها الأنحاءُ |
وأتوا ودينُ الله ليس بأهلهِ | إلا أليلٌ خافتٌ وذماءُ |
قمعوا بها الأعداءَ حتى أذعنوا | والبيضُ من عَلقِ النَّجيع رداءُ |
فكأنما حمرُ البنودِ خوافقاً | منها قلوبٌ شفَّهن عناءُ |
لم يأمنوا مَكْرَ إلالهِ وإنما | إمهالُهم عن وردِهِ إملاءُ |
إن أبرَموا أمراً فربُّك مُبرمٌ | أمراً وإنهمُ همُ السفهاءُ |
والله جلَّ اسماً لملكِكَ ناصرٌ | والله فيك كفاية ٌ وكِفاءُ |
فَمَن المدافعُ والملائكُ حزبُهُ | والله ردَءُ والجنودُ قَضاءُ |
فإذا هُمُ عادوا لماضي عهدهم | فغِرارُ سيفِكَ للعُصاة جزاءُ |
مزقُ جفونَ البيضِ عن ألحاظِها | لتسيل فوقَ شِفارها الجَوباءُ |
واهزُز غُصونَ السُّمر وهي ذوابلٌ | تسقُطْ عليك العِزَّة ُ القعساءُ |
يا أيها المَلكُ الذي من رأيُه | جندٌ له النَّصرُ العزيزُ لواءُ |
يهنيكَ أسعدُ وافدٍ ما تَنقضي | أيامُه وسعادة ٌ وبقاءُ |
عبدٌ أعدْتَ الدهرَ فيه يافعاً | طلقاً تلوحُ بوجههِ السراءُ |
لما برزْتَ إلى المصلَّى ماشياً | ودَّتْ خدودٌ أنها حصباءُ |
وسمَتْ إلى لُقياكَ أنصارُ الورى | حتى كأنَّ جميعهم حِرباءُ |
حتى إذا اصطفُّوا وأنت وسيلة ٌ | وسما إلى مرقِ القُبولِ دعاءُ |
ملئت صدورُ المسلمين سكينة ً | إذ ذاك وانتاشَ القلوبَ رجاءُ |
وتيقَّنوا الغُفرانَ في زلاَّتهم | ممَّن لديه الخلقُ والإنشاءُ |
قسماً بربِّ الهُزل وهي طلائحٌ | نحتَت مناسِمَ سوقِها السراءُ |
من كل نضْوِ الآل يستفُّ الفلا | سيراً تقلَّصُ دونَه الأرجاءُ |
عوجاً كأمثال القِسي ضوامراً | أغراضُهن الركن والبطحاءُ |
يحمِلنَ كل مُشَهَّدٍ أضلاعه | صيفٌ وفي الأماق منه شتاءُ |
لرفعتَ بندَ الأمنِ خفّاقاً فقد | كادت تسيرُ مع الذّئاب الشّاءُ |
وكففتَ كفَّ الجوْرِ في أرجائها | وعمَرَتَ ربعَ العدلِ وهو خَلاءُ |
وعفَفْتَ حتى عن خيالٍ طارقٍ | ووهبتَ حتى أعذرَ استجداءُ |
قمسا لأنت ملاكُ كلِّ رغيبة ٍ | ومأمُّ من ضاقت به الغبراءُ |
ولأنتَ ظلُّ الله بين عبادِه | وبلاده إن عُدِدَ الأفياءُ |
أمؤملَ الإسلام إنَّ وسائلي | هنَّ الشموسُ فما بهنَّ خفاءُ |
مالي سوى حُبي لملكك مذهبٌ | ولربما تتخالف الأهواءُ |